التزامية لا يعرفها إلا من غاص في بحر علمها ومعرفتها، ولا يكون ذلك إلا للخاصة من الناس.
وليست الآية المذكورة منفردة في أن لها ظاهر وباطن دون بقية آيات القرآن، حيث أن الأحاديث والروايات الشريفة فسرت كثير من الآيات بمعان مختلفة، بعضها ما ينسجم مع ظاهر الآية، والبعض الآخر يشير إلى المعنى الباطن لها.
ولابد من التأكيد على حقيقة خطيرة، وهي: لا يجوز قطعا بأن نضع للقرآن معنى باطنا بحسب رأينا وفهمنا، بل لابد من وجود قرائن وأدلة واضحة، أو بالاعتماد على تفاسير النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) الصحيحة، لكي لا يكون وجود بطون للقرآن ذريعة بأيد المنحرفين والمتطرفين وذوي الأهواء ليفسروا القرآن بحسب ما يشتهون ويرغبون.
3 2 - سر التأكيد على المعاد:
قلنا، إن من كبريات المسائل المهمة التي يتم التأكيد عليها في السور المكية للجزء الأخير من القرآن هي مسألة " المعاد " مع تصوير حياة الإنسان في عالم البرزخ لما لهذه المسألة من أهمية وتأثير على الإنسان في حياته الدنيا، فمجرد أن يحسب ويفكر الإنسان بأن ثمة عالم ينتظره وفيه محاسبة دقيقة وبعدها إما ثواب أو عقاب، فمجرد هذا الإحساس كفيل لأن يدفع الإنسان بالتفكير في مستقبله الأبدي، وأن يعمل على ضوء تحسبه.
فهناك محكمة.. لا تخفى عليها خافية، لا ظلم فيها ولا جور، لا تخطئ ولا تشتبه، ولا رشوة فيها ولا توصية، وفوق هذا وذلك فلا مجال للمتهم فيها لأن يكذب أو ينكر... إذن فلا سبيل للنجاة من عقاب الآخرة إلا بترك الذنوب والعمل وفق مقتضيات الشرع في هذه الحياة الفانية.