هذا الطريق صادقا في بعض هذه الروايات) وذلك هو أن المخاطبين في هذه الروايات هم على مستويات مختلفة، فمن كان له الاستعداد الكامل والتهيؤ لقبول مسألة علم الغيب للأئمة (عليهم السلام) كانت تستوفي لهم المطاليب بتمامها، وأما المخالفون والضعفاء فقد كان الحديث معهم على قدر عقولهم.
فنقرأ مثلا في حديث أن أبا بصير وعدة من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) كانوا ذات يوم في مجلس فدخل عليهم الإمام (عليه السلام) غضبان، وعندما جلس قال:
" يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي ". (1) يقول الراوي: فلما قام الإمام ودخل الدار قمنا خلفه، وقلنا له: فدتك نفوسنا قلت هذا عن جاريتك، ونحن نعلم أن لكم علوما كثيرة، ولا نسمي ذلك بعلم الغيب؟ عندئذ قال الإمام: " إن ما أردته كان العلم بأسرار الغيب ".
يتضح من ذلك أن الجالسين كانوا لا يملكون الاستعداد والتهيؤ لإدراك مثل هذه المعاني ويجهلون مقام الإمام (عليه السلام).
ويجب الالتفات إلى أن هذه الطرق الخمسة لا تتنافى مع بعضها، ويمكن أن تكون كلها صادقة.
3 2 - الطريق الآخر لإثبات علم الغيب للأئمة (عليهم السلام) يوجد هنا طريقان لإثبات حقيقة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) المعصومين يعلمون الغيب بصورة إجمالية:
الأول: هو أننا نعلم أن مهمتهم لم تجدد بمكان وزمان خاص، بل أن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإمامة الأئمة (عليهم السلام) هي عالمية وخالدة، فكيف يمكن لمن يملك هذه