هذا الأساس تكون القراءة واجبة.
ولكن يجب الالتفات إلى أن الإنسان لا يلزم بقراءة القرآن ليلا أثناء صلاة الليل، بل يجب على المكلف أن يقرأ بمقدار ما يحتاجه للتعليم والتربية لمعرفة أصول وفروع الإسلام وحفظه وإيصاله إلى الأجيال المقبلة، ولا يختص ذلك بزمان ومكان معينين، والحق هو وجوب القراءة لما في ظاهر الأمر (فاقرؤا كما هو مبين في أصول الفقه) إلا أن يقال بقيام الإجماع على عدم الوجوب، فيكون حينها مستحبا، والنتيجة هي وجوب القراءة في صدر الإسلام لوجود الظروف الخاصة لذلك، وأعطي التخفيف بالنسبة للمقدار والحكم، وظهر الاستحباب بالنسبة للمقدار الميسر، ولكن صلاة الليل بقيت واجبة على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته (بقرينة سائر الآيات والروايات).
ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) حيث يقول: "... متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية فاقرؤوا ما تيسر من القرآن... واعلموا أنه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل، ولا جاء نبي قط صلاة الليل في أول الليل " (1).
والملاحظ في الآية ذكر ثلاثة نماذج من الأعذار، أحدها يتعلق بالجسم (المرض)، والآخر بالمال (السفر)، والثالث بالدين (الجهاد في سبيل الله)، ولذا قال البعض: إن المستفاد من الآية هو السعي للعيش بمثابة الجهاد في سبيل الله!
وقالوا: إن هذه الآية مدنية بدليل سياقها في وجوب الجهاد، إلا أن الجهاد لم يكن في مكة، ولكن بالالتفات إلى قوله: سيكون يمكن أن تكون الآية مخبرة على تشريع الجهاد في المستقبل، أي بسبب ما لديكم من الأعذار وما سيكون من الأعذار، لم يكن هذا الحكم دائميا، وبهذا الصورة يمكن أن تكون الآية مكية ولا منافاة في ذلك.
ثم يشير إلى أربعة أحكام أخرى، وبهذه الطريقة يكمل البناء الروحي للإنسان فيقول: وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما