5 - المراد به اعتزاله (صلى الله عليه وآله وسلم) وانزواؤه واتخاذه الوحدة، ولهذا تقول الآية اخرج من العزلة والانزواء، واستعد لإنذار الخلق وهداية العباد (1) والمعني الأول هو الأنسب ظاهرا.
ومن الملاحظ أن جملة (فانذر) لم يتعين فيها الموضوع الذي ينذر فيه، وهذا يدل على العمومية، يعني انذار الناس من الشرك وعبادة الأصنام والكفر والظلم والفساد، وحول العذاب الإلهي والحساب المحشر... الخ (ويصطلح على ذلك بأن حذف المتعلق يدل على العموم). ويشمل ضمن ذلك العذاب الدنيوي والعذاب الأخروي والنتائج السيئة لأعمال الإنسان التي سيبتلى بها في المستقبل.
ثم يعطي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة أوامر مهمة بعد الدعوة إلى القيام والإنذار، تعتبر منهاجا يحتذى به الآخرون، والأمر الأول هو في التوحيد، فيقول: وربك فكبر (2).
ذلك الرب الذي هو مالكك مربيك، وجميع ما عندك فمنه تعالى، فعليك أن تضع غيره في زاوية النسيان وتشجب على كل الآلهة المصطنعة، وامح كل آثار الشرك وعبادة الأصنام.
ذكر كلمة (رب) وتقديمها على (كبر) الذي هو يدل على الحصر، فليس المراد من جملة " فكبر " هو (الله أكبر) فقط، مع أن هذا القول هو من مصاديق التكبير كما ورد من الروايات، بل المراد منه أنسب ربك إلى الكبرياء والعظمة اعتقادا وعملا، قولا فعلا وهو تنزيهه تعالى من كل نقص وعيب، ووصفه