كأبي جهل وأبي سفيان والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم في ما يجيبون به عن أسئلة القادمين من خارج مكة وهم يناقشون أمر النبي الذي قد ظهر بمكة، وفكروا في وأن يسمي كل واحد منهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باسم، ليصدوا الناس عنه، لكنهم رأوا في ذلك فساد الأمر لتشتت أقوالهم، فاتفقوا في أن يسموه ساحرا، لأن أحد آثار السحرة الظاهرة هي التفريق بين الحبيب وحبيبه، وكانت دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أثرت هذا الأثر بين الناس! فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتأثر واغتم لذلك، فأمر بالدثار وتدثر، فأتاه جبرئيل بهذه الآيات ودعاه إلى النهوض ومقابلة الأعداء.
2 - إن هذه الآيات هي الآيات الأولى التي نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نقله جابر بن عبد الله قال: جاورت بحراء فلما قضيت جواري نوديت يا محمد، أنت رسول الله، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا، ونظرت خلفي فلم أر شيئا، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فملئت منه رعبا، فرجعت إلى خديجة وقلت:
" دثروني دثروني، وأسكبوا علي الماء البارد "، فنزل جبرئيل بسورة: يا أيها المدثر.
ولكن بلحاظ أن آيات هذه السورة تطرقت للدعوة العلنية، فمن المؤكد أنها نزلت بعد ثلاث سنوات من الدعوة الخفية، وهذا لا ينسجم والروية المذكورة، إلا أن يقال بأن بعض الآيات التي في صدر السورة قد نزلت في بدء الدعوة، والآيات الأخرى مرتبطة بالسنوات التي تلت الدعوة.
3 - إن النبي كان نائما وهو متدثر بثيابه فنزل عليه جبرائيل (عليه السلام) موقظا إياه، ثم قرأ عليه الآيات أن قم واترك النوم واستعد لإبلاغ الرسالة.
4 - ليس المراد بالتدثر التدثر بالثياب الظاهرية، بل تلبسه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة والرسالة كما قيل في لباس التقوى.