هذه الآية ناسخة لحكم صدر السورة أم لا، وكذلك في مكيتها أو مدنيتها، ويتضح لنا جواب هذه الأسئلة بعد تفسير الآية.
فيقول تعالى: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار (1).
الآية تشير إلى نفس الحكم الذي أمر به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في صدر السورة من قيام الليل والصلاة فيه، وما أضيف في هذه الآية هو اشتراك المؤمنين في العبادة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (بصيغة حكم استحبابي أو باحتمال حكم وجوبي لأن ظروف صدر الإسلام كانت تتجاوب مع بناء ذواتهم والاستعداد للتبليغ والدفاع عنه بالدروس العقائدية المقتبسة من القرآن المجيد، وكذا بالعمل والأخلاق وقيام الليل، ولكن يستفاد من بعض الروايات أن المؤمنين كانوا قد وقعوا في إشكالات ضبط الوقت للمدة المذكورة (الثلث والنصف والثلثين) ولذا كانوا يحتاطون في ذلك، وكان ذلك يستدعي استيقاظهم طول الليل والقيام حتى تتورم أقدامهم، ولذا بني هذا الحكم على التخفيف، فقال: علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن.
" لن تحصوه ": من (الإحصاء) وهو عد الشئ، أي علم أنكم لا تستطيعون إحصاء مقدار الليل الذي أمرتم بقيامه والإحاطة بالمقادير الثلاثة.
وقال البعض: إن معنى الآية أنكم لا تتمكنون من المداومة على هذا العمل طيلة أيام السنة، ولا يتيسر لعامة المكلفين إحصاء ذلك لاختلاف الليالي طولا وقصرا، مع وجود الوسائل التي توقظ الإنسان.
والمراد ب تاب عليكم خفف عليكم التكاليف، وليس التوبة من الذنب، ويحتمل أنه في حال رفع الحكم الوجوبي لا يوجد ذنب من الأساس، والنتيجة