تقوموا لأنفسكم من خير تجده عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم.
هذه الأوامر الأربعة (الصلاة، الزكاة، القروض المستحبة، الاستغفار) مع الأمر بالقراءة والتدبر في القران الذي ورد من قبل تشكل بمجموعها منهجا للبناء الروحي، وهذا مهم للغاية بالخصوص لمن كان في عصر صدر الإسلام.
والمراد من " الصلاة " هنا الصلوات الخمس المفروضة، والمراد من " الزكاة " الزكاة المفروضة ومن إقراض الله تعالى هو إقراض الناس، وهذه من أعظم العبارات المتصورة في هذا الباب، فإن مالك الملك يستقرض بمن لا يملك لنفسه شيئا، ليرغبهم بهذه الطريقة للإنفاق والإيثار واكتساب الفضائل منها وليتربى ويتكامل بهذه الطريقة.
وذكر " الاستغفار " في اخر هذه الأوامر يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى وإياكم والغرور إذا ما أنجزتم هذه الطاعات، وبأن تتصوروا بأن لكم حقا على الله، بل اعتبروا أنفسكم مقصرين على الدوام واعتذروا لله.
ويرى البعض أن التأكيد على هذه الأوامر هو لئلا يتصور المسلم أن التخفيف سار على جميع المناهج والأوامر الدينية كما هو الحال في التخفيف الذي أمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه في قيام وقراءة القرآن، بل إن المناهج والأوامر الدينية باقية على متانتها وقوتها (1).
وقيل إن ذكر الزكاة المفروضة في هذه الآية هو دليل آخر على مدنية هذه الآية، لأن حكم الزكاة نزل بالمدينة وليس في مكة، ولكن البعض قال: إن حكم الزكاة نزل في مكة من غير تعيين نصاب ومقدار لها، والذي فرض بالمدينة تعيين الأنصاب والمقادير.
* * *