تكون مثل المغفرة الإليهة.
وأما عن معنى الآية: واقرؤوا ما تيسر من القرآن فقد قيل في تفسيرها أقوال، فقال بعضهم: إنها تعني صلاة الليل التي تتخللها قراءة الآيات القرآنية، وقال الآخرون: إن المراد منها قراءة القرآن، وإن لم تكن في أثنا الصلاة، وفسرها البعض بخمسين آية، وقيل مائة آية، وقيل مائتان، ولا دليل على ذلك، بل إن مفهوم الآية هو قراءة ما يتمكن عليه الإنسان.
وبديهي أن المراد من قراءة القرآن هو تعلم الدروس لبناء الذات وتقوية الإيمان والتقوى.
ثم يبين دليلا آخرا للتخفيف فيضيف تعالى: علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله، وهذا تخفيف آخر كما قلنا في الحكم، ولذا يكرر قوله " فاقرؤوا ما تيسر منه "، والواضح أن المرض والأسفار والجهاد في سبيل الله ذكرت بعنوان ثلاثة أمثلة للأعذار الموجهة ولا تعني الحصر، والمعنى هو أن الله يعلم أنكم سوف تلاقون، كثيرا من المحن والمشاكل الحياتية، وبالتالي تؤدي إلى قطع المنهج الذي أمرتم به، فلذا خفف عليكم الحكم.
وهنا يطرح هذا السؤال وهو: هل أن هذا الحكم ناسخ للحكم الذي ورد في صدر السورة، أم هو حكم استثنائي؟ طاهر الآيات يدل على النسخ، وفي الحقيقة أن الغرض من الحكم الأول في صدر السورة هو إقامة المنهج العبادي، وهذا ما حصل لمدة معينة ثم نسخ بعد ذلك بهذه الآية، وأصبح أخف من ذي قبل، لأن ظاهر الآية يدل على وجود معذورين، فلذا حفف الحكم على الجميع، وليس للمعذورين فحسب، ولذا لا يمكن أن يكون حكما استثنائيا بل هو حكم ناسخ.
ويرد سؤال آخر، هو: هل أن الحكم المذكور بقراءة ما تيسر من القرآن واجب أم مستحب؟ إنه مستحب، واحتمل البعض الآخر الوجوب، لأن قراءة القرآن تبعث على معرفة دلائل التوحيد، وإرسال الرسل، وواجبات الدين، وعلى