داخلة فيه قطعا.
وفي الآية التالية ذم شديد للكاذبين وتهديد لتخرصاتهم إذ تقول: قتل الخراصون.
و " الخراص " من مادة " خرص " - على زنة درس - ومعناه في الأصل كل كلام يقال تخمينا أو ظنا، وحيث أن مثل هذا الكلام غالبا ما يكون كذبا فقد استعملت هذه الكلمة في الكذب أيضا.. فيكون المعنى من " الخراصون " هو:
أولئك الذين يطلقون كلمات عارية من الصحة ولا أساس لها، والمراد منها هنا - بقرينة الآيات التالية - هو: أولئك الذين يحكمون أو يقضون في شأن القيامة والمعاد بكلام لا أساس له بعيد عن المنطق.
على كل حال، فإن هذا التعبير هو في شكل دعاء عليهم.. دعاء يدل على أنهم " موجودات " تستحق الفناء والقتل، فعدمهم خير من وجودهم!
كما فسر بعضهم " القتل " هنا بالطرد واللعن والمحرومية عن رحمة الله.
ومن هنا يمكن أن يستفاد من هذا الحكم الكلي أيضا أن القضاء بلا دليل ولا مدرك أو مستند بين بل على الظن والحدس هو عمل يسوق إلى الضلال ويستحق اللعن والعذاب.
ثم يعرف القرآن هؤلاء الخراصين الكذبة فيقول: الذين هم في غمرة ساهون.
" الغمرة " في الأصل معناها الماء الغزير الذي يغطي محلا ما.. ثم استعملت على الجهل السحيق الذي يغطي عقل الشخص!
وكلمة " ساهون " جمع ل " ساه " وهي مشتقة من " السهو " والمراد بها هنا الغفلة.
وقال بعضهم إن الجهل على مراحل. فالأولى هي " السهو والاشتباه "، ثم " الغفلة " وبعدها " الغمرة ".