تبدأ الآيات في الحديث عنهم أولا من حيث مقامهم العالي، حيث يقول عز وجل: وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين (1).
إن هذا الوصف هو أروع وصف هؤلاء، لأن هذا التعبير يستعمل في موارد لا تستطيع الألفاظ التعبير عنه، وهو تعبير عن المقام العالي لأصحاب اليمين.
وتشير الآية اللاحقة إلى أول نعمة منحت لهذه الجماعة حيث تقول: في سدر مخضود (2). وفي الحقيقة أن هذا أنسب وأليق وصف توصف به أشجار الجنة في دائرة ألفاظنا الدنيوية، لأن (السدر) كما يقول أئمة اللغة: شجر قوي معمر يصل طوله إلى أربعين مترا أحيانا وعمره يقرب من ألفي سنة، ولها ظل ظليل ولطيف، والسلبية الموجودة في هذا الشجر أنه ذو شوك إلا أن وصفه ب (مخضود) من مادة (خضد) - على وزن (مجد) - بمعنى (إزالة الشوك) تنهي آثار هذه السلبية في شجر سدر الجنة.
وجاء في حديث: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولون: إن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابي يوما، فقال: يا رسول الله لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " وما هي " قال: السدر، فإن لها شوكا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أليس يقول الله: في سدر مخضود، يخضده الله من شوكه فيجعل مكان كل شوكة ثمرة، إنها تنبت ثمرا يفتق الثمر منها عن اثنين وسبعين لونا من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر " (3).
ثم يأتي الحديث عن ثاني هبة لهم حيث يقول سبحانه: وطلح منضود.
" الطلح ": شجرة خضراء لطيفة اللون والرائحة، وذكر البعض أنها شجرة الموز