القرآنية الأخرى (كما في سورة الحجر / 29) وذلك ليعرف الإنسان قيمته الحقيقية في عالم الوجود ويسير في طريق التكامل على بينة من أمره.
ثم يتطرق سبحانه لخلق الجن حيث يقول: وخلق الجان من مارج من نار.
" مارج " في الأصل من (مرج) على وزن (مرض) بمعنى الإختلاط والمزج، والمقصود هنا اختلاط شعل النيران المختلفة، وذلك لأن النيران أحيانا تكون بألوان مختلفة الأحمر، الأصفر، الأزرق، وأخيرا اللون الأبيض.
ويقول البعض: إن معنى التحرك موجود فيها أيضا، وذلك من (أمرجت الدابة) يعني (تركت الحيوان في المرتع) لأن أحد معاني " المرج " هو المرتع.
ولكن كيف خلق الجن من هذه النيران المتعددة الألوان؟ هذا ما لم يعرف بصورة دقيقة، كما أن الخصوصيات الأخرى عن هذا المخلوق، قد بينت لنا عن طريق الوحي الرباني وكتاب الله الكريم، ولكن محدودية معلوماتنا لا تعني السماح لنا أبدا بإنكار هذه الحقائق أو تجاوزها، خاصة بعد ما ثبتت عن طريق الوحي الإلهي.
(وسيكون لنا إن شاء الله شرح مفصل حول خلق الجن وخصوصيات هذا المخلوق في تفسير سورة الجن).
وعلى كل حال، فإن أكثر الموجودات التي نتحدث عنها هي: الماء والتراب والهواء والنار، سواء كانت هذه الموجودات عناصر بسيطة كما كان يعتقد القدماء، أو مركبة كما يعتقد العلماء اليوم، ولكن على كل حال فإن مبدأ خلق الإنسان هو الماء والتراب، في حين أن مبدأ خلق الجن هو الهواء والنار، وهذا الاختلاف في مبدأ خلقة هذين الموجودين مصدر اختلافات كثيرة بين هذين المخلوقين.
وبعد أن تحدث عن النعم التي كانت في بداية خلق الإنسان يكرر تعالى قوله تعالى: فبأي آلاء ربكما تكذبان.
في الآية اللاحقة يستعرض نعمة أخرى حيث يقول سبحانه: رب المشرقين