والقرائن الموجودة في هذه الآية تشهد على هذا المعنى أيضا.. إذ قد تصدر من الإنسان بعض الذنوب، ثم يلتفت إليها فيتوب منها، لأن استثناء اللمم من الكبائر (مع الالتفات إلى أن ظاهر الاستثناء كونه استثناء متصلا) يشهد على هذا المعنى.
أضف إلى ذلك فإن الجملة التالية بعد الآية في القرآن تقول: إن ربك واسع المغفرة!.
وهذا يدل على أن ذنبا صدر من الإنسان وهو بحاجة إلى غفران الله، لا أنه قصد الإقتراب منه ونواه دون أن يرتكبه.
وعلى كل فالمراد من الآية أن الذين أحسنوا من الممكن أن ينزلقوا في منزلق ما فيذنبوا، إلا أن الذنب على خلاف سجيتهم وطبعهم وقلوبهم الطاهرة - وإنما تقع الذنوب عرضا، ولذلك فما أن يصدر منهم الذنب إلا ندموا وتذكروا وطلبوا المغفرة من الله سبحانه كما نقرأ في الآية (201) من سورة الأعراف إذ تشير إلى هذا المعنى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.
ونظير هذا المعنى في الآية (135) من سورة آل عمران إذ تقول في وصف المحسنين والمتقين: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم!
فكل هذا شاهد على ما جاء من تفسير " اللمم ".
ونختتم بحثنا هنا بحديث للإمام الصادق (عليه السلام) إذ أجاب على سؤال حول تفسير الآية - محل البحث - فقال: " اللمام العبد الذي يلم بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته أي من طبيعته " (1).