كثير نفعهم، الناس منهم في راحة وأنفسهم منهم في تعب كلامهم موزون، محاسبين لأنفسهم، متعبين لها، تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم أعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة، إذا كتب الناس في الغافلين كتبوا من الذاكرين، في أول النعمة يحمدون وفي آخرها يشكرون دعاؤهم عند الله مرفوع، وكلامهم مسموع، تفرح الملائكة بهم، الناس (الغفلة) عندهم موتى والله عندهم حي قيوم " وهمتهم عالية فلا ينظرون إلا إليه " قد صارت الدنيا والآخرة عندهم واحدة يموت الناس مرة ويموت أحدهم في اليوم سبعين مرة " ويحيا حياة جديدة " من مجاهدة أنفسهم ومخالفة هواهم.
وإن قاموا بين يدي كأنهم البنيان المرصوص لا أرى في قلبهم شغلا لمخلوق .. فوعزتي وجلالي لأحيينهم حياة طيبة إذا فارقت أرواحهم أبدانهم ولا أسلط عليهم ملك الموت ولا يلي قبض روحهم غيري ولأفتحن لروحهم أبواب السماء كلها ولأرفعن الحجب كلها دوني، ولآمرن الجنان فلتزينن.
يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال فإذا طيبت مطعمك ومشربك فأنت في حفظي وكنفي.
وجاء في مكان آخر منه: يا أحمد هل تدري أي عيش أهنأ وأي أبقى؟ قال اللهم لا، قال: أما العيش الهنئ فهو الذي لا يغتر صاحبه عن ذكري ولا ينسى نعمتي ولا يجهل حقي، يطلب رضاي في ليله ونهاره.
وأما الحياة الباقية فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا وتصغر في عينه وتعظم الآخرة عنده ويؤثر هواي على هواه ويبتغي مرضاتي ويعظم حق عظمتي ويذكر علمي به ويراقبني بالليل والنهار عند كل سيئة أو معصية وينقي قلبه عن كل ما أكره ويبغض الشيطان ووساوسه ولا يجعل لإبليس على قلبه سلطانا.. فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لي وفراغه واشتغاله وهمه وحديثه من النعمة التي أنعمت على أهل محبتي من خلقي.. وافتح عين قلبه