وفي تفسير علي بن إبراهيم ورد أيضا: " ثم دنا - يعني رسول الله - من ربه عز وجل " (1) وقد ورد هذا المعنى في روايات متعددة ولا يمكن عدم الاكتراث بهذا المعنى.
كما ورد هذا المعنى في روايات أهل السنة، إذ نقل صاحب " الدر المنثور " ذلك عن ابن عباس من طريقين (2).
فمجموع هذه القرائن يدعونا إلى اختيار التفسير الثاني القائل بأن المراد من " شديد القوى " هو الله، وأن النبي كان قد إقترب من الله تعالى أيضا.
ويبدو أن ما دعا أغلب المفسرين إلى الإعراض عن هذا التفسير (الثاني) وأن يتجهوا إلى التفسير (الأول) هو أن هذا التفسير فيه رائحة التجسم، ووجود مكان لله، مع أنه من المقطوع به أنه لامكان له ولا جسم: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، (3) أينما تولوا فثم وجه الله، (4) وهو معكم أينما كنتم. (5) ولعل مجموع هذه المسائل أيضا جعل بعض المفسرين يظهر عجزه عن تفسير هذه الآيات ويقول: هي من أسرار الغيب الخفية علينا.
قيل أنهم سألوا بعض المفسرين عن تفسير هذه الآيات فقال: إذا كان جبرئيل غير قادر على بلوغ ذلك المكان فمن أنا حتى أدرك معناه (6)؟!
ولكن بملاحظة أن القرآن كتاب هداية وهو نازل ليتدبر الناس ويتفكروا في آياته فقبول هذا المعنى مشكل أيضا.
إلا أننا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن المراد من هذه الآيات هو نوع من الرؤية