هو ذلك الاسم الممتلئ جاذبية " الرحمن " مع مفهوم رحمته العامة الواسعة، لكن أولئك بسبب عمى قلوبهم ولجاجتهم، لم يظهروا تأثرا حيال هذه الدعوة، بل تلقوها بالسخرية والاستهزاء، وقالوا على سبيل التحقير: وما الرحمن كما قال فرعون حيال دعوة موسى (عليه السلام): وما رب العالمين. (1) فهؤلاء لم يكونوا على استعداد حتى ليقولوا: " ومن الرحمن " أو " من رب العالمين ".
ورغم أن بعض المفسرين يرى أن اسم " الرحمن " لم يكن مأنوسا بين عرب الجاهلية، وحينما سمعوا هذا الوصف من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طرحوا هذا السؤال على سبيل التعجب واقعا، حتى كان يقول البعض منهم: " ما نعرف الرحمن إلا رجلا باليمامة " (يعنون به مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة كذبا، وعرفه وقومه بهذا الاسم " الرحمن ").
لكن هذا القول بعيد جدا، لأن مادة هذا الاسم وصيغته كلاهما عربيان، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلو - دائما - في بداية السور القرآنية، الآية بسم الله الرحمن الرحيم وعلى هذا فلم يكن هدف أولئك إلا التحجج والسخرية، والعبارة التالية شاهد على هذه الحقيقة أيضا لأنهم يقولون: أنسجد لما تأمرنا.
وبما أن تعاليم القادة الإلهيين تؤثر في القلوب المؤهلة فقط، فإن عمي القلوب من المعاندين مضافا إلى عدم انتفاعهم بها، فإنها تزيدهم نفورا لأن آيات القرآن كقطرات المطر الباعثة على الحياة تنمي الورد والخضرة في البستان، والشوك في الأرض السبخة، ولذا لا مجال للتعجب حيث يقول: وزادهم نفورا. (2)