الثاني: أن يكون أهل الكتاب أيضا ممن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتالهم، وذلك باطل، فإن الآيات القرآنية الامرة بالقتال إنما وردت في جهاد المشركين ودعوتهم إلى الايمان بالله تعالى وباليوم الاخر. وأما أهل الكتاب فلا يجوز قتالهم إلا مع وجود سبب آخر من قتالهم للمسلمين، لقوله تعالى:
" وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 2: 190 ".
أو إلقائهم الفتنة بين المسلمين، لقوله تعالى بعد ذلك:
" والفتنة أشد من القتل 2: 191 ".
أو امتناعهم عن إعطاء الجزية للآية المتقدمة، وأما مع عدم وجود سبب آخر فلا يجوز قتالهم لمجرد الكفر، كما هو صريح الآية الكريمة.
وحاصل ذلك: أن الامر في الآية المباركة بالعفو والصفح عن الكتابيين، لأنهم يودون أن يردوا المسلمين كفارا - وهذا لازم عادي لكفرهم - لا ينافيه الامر بقتالهم عند وجود سبب آخر يقتضيه، على أن متوهم النسخ في الآية الكريمة قد حمل لفظ الامر من قوله تعالى:
" حتى يأتي الله بأمره 2: 109 ".
على الطلب، فتوهم أن الله أمر بالعفو عن الكفار إلى أن يأمر المسلمين بقتالهم فحمله على النسخ.
وقد اتضح للقارئ أن هذا - على فرض صحته - لا يستلزم النسخ ولكن