وما روي عن عثمان أنه قال: " للرهط القرشيين الثلاثة، إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم " (1).
وما روى من: " أن عمر وهشام بن حكيم اختلفا في قراءة سورة الفرقان، فقرأ هشام قراءة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هكذا أنزلت، وقرأ عمر قراءة غير تلك القراءة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف " (2).
فإن عمر وهشام كان كلاهما من قريش، فلم يكن حينئذ ما يوجب اختلافهما في القراءة، ويضاف إلى جميع ذلك أن حمل الأحرف على اللغات قول بغير علم، وتحكم من غير دليل.
3 - أن القائلين بهذا القول إن أرادوا أن القرآن اشتمل على لغات أخرى، كانت لغة قريش خالية منها، فهذا المعنى خلاف التسهيل على الأمة، الذي هو الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف، على ما نطقت الروايات بذلك، بل هو خلاف الواقع، فإن لغة قريش هي المهيمنة على سائر لغات العرب، وقد جمعت من هذه اللغات ما هو أفصحها، ولذلك استحقت أن توزن بها العربية، وأن يرجع إليها في قواعدها. وإن أرادوا أن القرآن مشتمل على لغات أخرى، ولكنها تتحد مع لغة قريش، فلا وجه للحصر بلغات سبع، فإن في القرآن ما يقرب من خمسين لغة. فعن أبي بكر الواسطي: في القرآن من اللغات خمسون لغة، وهي لغات قريش، وهذيل، وكنانة، وخثعم، والخزرج، وأشعر، ونمير... (3)