له، والمال غنى للمغني، على معنى سبب غنائه، لم يلزم أن يكون سببي عصمة وغناء حادثين غير ما هما، أي المعتصم والغنى فيه، إذ لا دلالة له على الزمان.
وأجيب بأن المتبادر إلى الفهم من تعلق الفعل بشئ، هو اتصاف ذلك المتعلق بما عبر عنه عند اعتبار المتعلق حتى يقال: فيه شفاء للمريض ومرض للصحيح، ولو عكس لم يصح إلا بتأويل.
وعن أبي محمد العسكري (عليه السلام): أن معناه بيان وشفاء للمتقين من شيعة محمد وعلي (عليهما السلام). اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا أسرار الله وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد صلوات الله عليهم فكتموها، واتقوا سر العلوم عن أهلها المستحقين لها ففيهم نشروها (1).
الذين يؤمنون: يحتمل الرفع والنصب والجر، والظاهر الجر، على أنه صفة للمتقين كما هو الظاهر، أو بدل أو عطف بيان. فأما الرفع فإما على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هم الذين يؤمنون، أو مبتدأ خبره (أولئك على هدى). وأما النصب فعلى المدح بتقدير أعني. وإذا كان صفة فهي إما مقيدة، إن فسر التقوى بترك ما لا ينبغي كما هو المناسب لمعناه اللغوي، وهو الاحتراز، فحينئذ يراد بالمتقي من يحترز عن المعاصي أي فعل القبائح والمنهيات، سواء يمتثل الأوامر ويأتي بالحسنات أم لا، فعلى هذا تكون الصفة مقيدة مخصصة.
فإن قلت: اجتناب المعاصي كلها يستلزم الاتيان بالطاعات، لان ترك الطاعة معصية.
قلت: إن المراد بالمعاصي كما هو المتبادر ما يتعلق به صريح النهي، وترك المأمور به منهي عنه ضمنا أو أن مبنى هذا الكلام على أن المعصية فعل ما نهي عنه، وأن الترك ليس بفعل. وكذا إن أريد بالتقوى الأولى من مراتبها الثلاث، فإن المراد بالمتقين حينئذ من يجتنبون عن الترك، فتوصيفهم بالذين يؤمنون لا يكون