تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦٩٤
أو خطأ، أو بما يودي الخطأ والنسيان إليه بالآخرة من عمل آخر، فإنهما يمكن أن يؤدي كثرتهما واعتيادهما إلى عمل قبيح. وقيل: أو بأنفسهما، إذ لا يمتنع المؤاخذة بهما عقلا فإن الذنوب كالسموم، فكما أن تناولها يؤدي إلى الهلاك وإن كان خطأ، فتعاطي الذنوب لا يبعد أن يفضي إلى العقاب وإن لم يكن عزيمة، لكنه تعالى وعد التجاوز عنه رحمة وفضلا، فيجوز أن يدعو الانسان به استدامة واعتدادا بالنعمة فيه.
وفي أصول الكافي: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق قال: حدثني عمرو بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن أمتي أربع خصال: خطاؤها ونسيانها وما اكرهوا عليه وما لم يطيقوه. وذلك قول الله عز وجل " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " وقوله: " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " (1).
ويحتمل أن يكون هذا دعوة الرسول صلى الله عليه وآله قبل رفع الخطأ والنسيان، وبعدها كما رفع، يجيئ في الخبر. والغرض من الدعاء به، التأسي به وتذكر ما أنعم الله تعالى بسبب دعوته.
ربنا ولا تحمل علينا إصرا: ثقيلا يأمر صاحبه، أي يحبسه في مكانه.
والمراد به التكاليف الشاقة. وقرئ (ولا تحمل) بالتشديد للمبالغة (2).
كما حملته على الذين من قبلنا ربنا: حملا مثل حملك إياه عليهم. أو مثل الذي حملته إياهم، فيكون صفة لأصرا. والمراد به ما كلف به بنوا إسرائيل من الأمور التي ذكر في الخبر الذي ينقل من الاحتجاج (3).

(١) الكافي: ج ٢، كتاب الايمان والكفر، باب ما رفع عن الأمة، ص ٤٦٢، ح ١.
(٢) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج ١، ص ١٤٧.
(٣) الاحتجاج: ج ١، ص 327 احتجاجه عليه السلام على اليهود من أحبارهم ممن قرأ الكتب والصحف في معجزات النبي صلى الله عليه وآله وكثير من فضائله.
(٦٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 689 690 691 692 693 694 695 696 697 698 699 ... » »»
الفهرست