في الآخرة، قال: فأجابه جل ثنائه. وقد فعلت ذلك بك وبأمتك.
ثم قال عز وجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك، فحق علي أن أرفعها عن أمتك، وقال:
" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت " من خير " وعليها ما اكتسبت " من شر. فقال النبي صلى الله عليه وآله لما سمع ذلك: أما إذا فعلت ذلك بي وبأمتي، فزدني، قال: سل، قال: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال الله عز وجل: لست أؤاخذ أمتك بالنسيان أو الخطاء لكرامتك علي.
وكانت الأمم السابقة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعت ذلك عن أمتك. وكانت الأمة السالفة إذا أخطأوا اخذوا بالخطأ وعوقبوا، وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي. فقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا أعطيتني ذلك فزدني، فقال الله تعالى: سل، قال: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " يعني بالإصر الشدايد التي كانت على من كان قبلنا، فأجابه الله إلى ذلك، فقال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الاصار التي كانت على الأمم السالفة. كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع من الأرض معلومة اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الأرض لامتك كلها مسجدا وطهورا، فهذه من الاصار التي كانت على الأمم قبلك، فرفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء لامتك طهورا، فهذه من الاصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت إليه نارا فأكلته ورجع مسرورا، ومن لم أقبل ذلك، رجع مثبورا. وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه، رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن أمتك، وهي من الاصار التي كانت على