تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٤٦٧
علمنا ديننا فكأنا خلقنا اليوم، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا، بل لابد الأبد. وإن رجلا قام فقال: يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك لن تؤمن بها أبدا (1).
حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الناس في الحج، فبعضهم يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله مهلا بالحج، وقال بعضهم:
مهلا بالعمرة، وقال بعضهم: خرج قارنا، وقال بعضهم: ينتظر أمر الله عز وجل، فقال أبو عبد الله عليه السلام: علم الله عز وجل إنها حجة لا يحج رسول الله صلى الله عليه وآله بعدها أبدا، فجمع الله عز وجل له ذلك كله في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لامته، فلما طاف بالبيت وبالصفا والمروة أمره جبرئيل عليه السلام أن يجعلها عمرة، إلا من كان له هدي، فهو محبوس على هدي لا يحل لقوله عز وجل " حتى يبلغ الهدي محله " فجمعت له العمرة والحج. وكان خرج على خروج العرب الأول، لان العرب كانت لا تعرف إلا الحج، وهو في ذلك ينتظر أمر الله عز وجل، وهو يقول: الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الاسلام، وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج، فشق على أصحابه، حين قال: اجعلوها عمرة، لأنهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحج.
وهذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وآله إنما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحج وقال: خلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه، يعني في أشهر الحج، قلت: أفيعتد بشئ من أمر الجاهلية، قال: إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شئ من دين إبراهيم عليه السلام إلا الختان والتزويج والحج.

(1) علل الشرايع: ج 2، ص 413، باب 153، العلة التي من أجلها لم يتمتع النبي صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج وأمر الناس بالتمتع، ح 2.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست