الله صلى الله عليه وآله حين حج حجة الوداع خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى الشجرة فصلى بها، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها وأهل بالحج وساق مأة بدنة وأحرم الناس كلهم بالحج، لا ينوون عمرة [ولا يدرون عمرة] ولا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه، ثم صلى ركعتين عند المقام واستلم الحجر، قال: أبدء بما بدأ الله به فاتي الصفا فبدأ بها ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا، فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا، فأمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة وهو شئ أمر الله تعالى به، فأحل الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم، ولم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي كان معه، إن الله تعالى يقول: " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله " فقال سراقة بن مالك بن جعشتم الكناني: يا رسول الله علمنا ديننا كانا خلقنا اليوم، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا، بل لابد الأبد. وإن رجلا قام فقال: يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر؟!، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل إنك لن تؤمن بهذا أبدا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (1).
وفي كتاب علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في حجة الوداع لما فرغ من السعي قام عند المروة فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الناس هذا جبرئيل، وأشار بيده إلى خلفه يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم، ولكني سقت الهدي، وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال: يا رسول الله