تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
إلا إذا كان نوعا من عامله.
وقرئ جهرة بالفتح على أنها مصدر كالغلبة، أو جمع جاهر كالكبة فيكون حالا، وقيل: إن قوله: " جهرة " صفة لخطابهم لموسى (عليه السلام) وتقديره: وإذ قلتم جهرة: لن نؤمن لك حتى نرى الله، وهو ضعيف.
والقائلون هم السبعون الذين اختارهم موسى للميقات، وقيل: عشرة آلاف من قومه.
والمؤمن به: جميع ما جاء به موسى، وقيل: إن الله الذي أعطاك التوراة و كلمك، أو إنك نبي.
فأخذتكم الصعقة: لفرط العناد والتعنت وطلب المستحيل، فإنهم ظنوا أنه تعالى يشبه الأجسام وطلبوا رؤيته، وهي محال، روي أنه جاءت نار من السماء فأحرقتهم وقيل: صيحة، وقيل: جنود سمعوا بحسيسها فخروا صاعقين ميتين يوما و ليلة (1).
وأنتم تنظرون: إلى ما أصابكم، أو إلى أثره.
واستدل أبو القاسم البلخي (2) بهذه الآية على أن الرؤية لا تجوز على الله تعالى، قال: لأنها إنكار تضمن أمرين: ردهم على نبيهم، وتجويزهم الرؤية على ربهم و يؤيد ذلك قوله تعالى " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة " (3) فدل ذلك على أن المراد إنكار كلا الامرين.
أقول: وفي الآية مع قوله (فقد سألوا موسى) إلى آخره، دلالة على أن الرد على

(١) بالأقوال الثلاثة نقل الأحاديث، لاحظ جامع البيان لابن جرير الطبري: ج ١، ص ٢٣٠، قال ما ملخصه: عن الربيع قال: سمعوا صوتا فصعقوا، يقول: فماتوا، وعن السدي: فأخذتكم الصاعقة نار، وعن ابن إسحاق قال: أخذتهم الرجفة وهي الصاعقة فماتوا جميعا، وأصل الصاعقة كل أمر هائل إلى آخره.
(٢) هو نصر بن الصباح، أبو القاسم البلخي من مشايخ أبي عمرو محمد بن عمرو بن عبد العزيز الكشي، وله كتاب المسترشد في الإمامة. طبقات أعلام الشيعة، القرن الرابع، ص 324.
(3) سورة النساء: الآية 153.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست