تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
من صورة الجواب، إشعارا بأن الزيادة تفضل منه تعالى، كما قال تعالى: " ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله " (1) فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم: أي فخالف الذين عصوا، ففعلوا غير ما أمروا أن يفعلوه، وقالوا غير ما أمروا أن يقولوه.
واختلف في ذلك الغير، فقيل: إنهم قالوا بالسريانية (هاطا سماقانا) وقال بعضهم: (هطا سماقاتا) ومعناه حنطة حمراء فيها شعيرة، وكان قصدهم في ذلك الاستهزاء ومخالفة الامر، وقيل: إنهم قالوا: حنطة، تجاهلا واستهزاء، وكانوا قد أمروا أن يدخلوا الباب سجدا أو طؤطئ لهم الباب ليدخلوه كذلك، فدخلوه زاحفين على استاهم، فخالفوا في الدخول أيضا.
فأنزلنا على الذين ظلموا: كرره مبالغة في تقبيح أمرهم، وإشعارا بأن الانزال عليهم لظلمهم بوضع غير المأمور به موضعه، أو على أنفسهم بأن تركوا ما يوجب نجاتها إلى ما يوجب هلاكها.
رجزا من السماء بما كانوا يفسقون: عذابا مقدرا من السماء بسبب فسقهم.
والزجر في الأصل: ما يعاف عنه، وكذلك الرجس، وقرئ بالضم، وهو لغة فيه، والمراد به الطاعون.
روي أنه مات به في ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا من كبرائهم و شيوخهم، وبقى الأبناء، فانتقل عنهم العلم والعبادة (2)، كأنه يشير إلى أنهم عوقبوا بإخراج الأفاضل من بينهم.
قال النبي (صلى الله عليه وآله) في الطاعون: إنه رجز عذب به بعض الأمم قبلكم (3)

(١) سورة فاطر: الآية ٣٠.
(٢) مجمع البيان: ج ١، ص ١٢٠، نقله عن ابن زيد، أورده في ذيل الآية الشريفة (فبدل الذين ظلموا) الآية.
(٣) صحيح مسلم: ج ٤، باب 32، الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، ح 92، ولفظ الحديث " قال أسامة: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الطاعون رجز أو عذاب ارسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ".
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست