وكنتم أمواتا فأحياكم: الواو للحال، والجملة حال بتقدير قد، وتأويلها بجملة اسمية أو فعلية مأخوذا فيه العلم.
والمعنى وقد علمتم، أو تعلمون، أو أنتم عالمون أنكم كنتم أمواتا، فإن بعض الجمل الواقعة في تلك القصة الواقعة حالا ماض وبعضها مستقبل لا يقارن مضمونها مضمونه، فلا بد من أخذ العلم.
وأيضا مضمون تلك الجمل بدون اعتبار تعلق علمهم بها لا يصح أن يكون صارفا، واعتبار تعلق علمهم بالمؤونة والاحياء الحسيين ظاهر، وأما اعتبار تعلقه بالاحياء الثاني والرجوع، فلتمكنهم من العلم بهما بالدلائل الموصلة إليه، فكان بمنزلة حصول العلم، سيما وفي الآية تنبيه على ما يدل على صحتهما، وهو أنه تعالى لما قدر أن أحياهم أولا، قدر أن يحييهم ثانيا، فإن بدء الخلق ليس بأهون من إعادته.
والأموات جمع ميت بالتخفيف، كالأقوال جمع قيل. والمعنى كنتم أمواتا، أي عناصر ممتزجة منتقلة من حال إلى حال حتى استقر على مزاج معتدل قابل لنفخ الروح فيه، فأحياكم بنفخ الروح فيه.
فعلى هذا يكون استعمال الأموات في العناصر استعارة، لاشتراكهما في أن لا روح ولا إحساس لهما.
وإنما عطف بالفاء لأنه متصل بما عطف عليه، غير متراخ عنه، بخلاف البواقي.
ثم يميتكم: عند تقضي آجالكم.
ثم يحييكم: بحياة أبدية يوم النشور، أو في القبر للسؤال.
ثم إليه ترجعون: ليحاسبكم أو يجازيكم على أعمالكم، وإن أريد بقوله:
(يحييكم) الحياة في القبر، فينبغي أن يراد ب " ترجعون " الاحياء يوم النشور، ويلزم منه إهمال إماتتهم في القبر، اللهم إلا أن يقال: معنى إليه ترجعون، أنهم يرجعون بتلك الإماتة وإحياء يوم النشور. ولو جعل " ثم يحييكم " متناولا لاحيائين جميعا، أي يحييكم مرة بعد أخرى بقرينة المقام، يلزم أيضا ذلك الاهمال، إلا أن يقال: