تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢١٤
وكلمة (ما) للعموم، خصوصا إذا قيد بالحال الذي وقع بعده، وقد صرح به أئمة الأصول فدلت الآية على إباحة جميع الأشياء، على أي وجه إلا ما أخرجه الدليل، واندفع ما قاله العلامة السبزواري من أنها لما كانت مجملة غير ظاهرة في العموم، لا يتم الاستدلال بها على ذلك.
والمراد بالأرض إما جهة الأرض ليشمل الغبراء وما فيها، وإما الغبراء فلا يتناول إلا ما فيها، لامتناع ظرفية الشئ لنفسه.
ثم استوى إلى السماء: قصد إليها بإرادته، من قولهم: استوى إليه كالسهم المرسل، إذا قصده قصدا مستويا من غير أن يلوي على شئ.
وأصل الاستواء، طلب السواء، وإطلاقه على الاعتدال لما فيه من تسوية وضع الاجزاء، يقال: استوى العود وغيره إذا قام واعتدل، ولا يمكن حمله عليه، لأنه من خواص الأجسام.
وقيل: استوى، استولى، قال:
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق (1) وهذا المعنى غير مناسب للأصل والصلة المعدى بها.
وقيل: أقبل كما يقال: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى إلي وعلي يكلمني، على معنى أقبل إلي وعلي.
وقيل: استوى أمره وصعد إلى السماء قال العلامة السبزواري: وهذا بخلاف ما اشتهر: أن أوامره وقضاياه تنزل من السماء إلى الأرض.
وفيه نظر، لان المقصود صعد أمره في الخلق إلى السماء.
وهذه الآية مع التي في سورة حم السجدة - أعني قوله: " أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين " إلى قوله: " ثم استوى إلى السماء " (2) حجة على من ذهب

(١) تفسير القرطبي: ج ١، ص 255، وفي هامشه: القائل هو الأخطل كما في شرح القاموس.
(2) سورة فصلت: الآية 9 - 11.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست