تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٣٧
[الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (16)] إنما نحن مستهزءون: تأكيد لسابقه، إذ معنى " إنا معكم " هو الثبات على اليهودية، وقوله: " إنما نحن مستهزؤن " وإن لم يكن بظاهره تأكيدا لهذا المعنى، لكن له لازم، وهو أنه رد ونفي للاسلام يؤكده، لان دفع نقيض الشئ تأكيد لثباته، أو بدل.
وتقريره: أنه لما كان قصدهم إلى إظهار تصلبهم في دينهم، وكان في الكلام الأول قصورا عن إفادته، إذ كانوا يوافقون المؤمنين في بعض الأحوال، فاستأنفوا القصد إلى ذلك بأنهم يعظمون كفرهم بتحقير الاسلام وأهله، فهم أرسخ قدما من شياطينهم. أو استيناف، كأن الشياطين قالوا: إن صح ذلك فما بالكم توافقون المؤمنين؟ فأجابوا بذلك. وهو أوجه لزيادة الفائدة، وقوة المحرك للسؤال.
وهذه الوجوه الثلاثة بيان لترك العاطف في كلامهم. وأما تركه في حكايته، فللموافقة فيما هو بمنزلة كلام واحد.
الاستهزاء: السخرية والاستخفاف، يقال: هزأت واستهزأت بمعنى، كأجبت و استجبت، وأصله الخفة من الهزء بالفتح، وهو القتل السريع. وهزأ يهزأ بالفتح فيهما، مات على المكان، وناقته تهزأ به أي تسرع وتخف.
الله يستهزئ بهم: المراد باستهزاء الله: مجازاته إياهم على استهزائهم بالمؤمنين، لما بين الفعل وجزائه من ملابسة قوية، ونوع سببية، مع المشاكلة المحسنة من مقابلة اللفظ باللفظ والمماثلة في القدر، فيكون من قبيل المجاز المرسل.
وقد روى رئيس المحدثين في كتاب التوحيد بإسناده، عن علي بن الحسين بن
(١٣٧)
مفاتيح البحث: علي بن الحسين (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست