إيمانا، كيف وقد قالوه تمويها على المسلمين وتهكما بهم.
فظهر من ذلك أن إطلاق رفع الايجاب الكلي والسلب الكلي في هذه الحملية مسامحة ارتكبها العلامة السبزواري. حيث قال في توجيه التقدير الثاني: إن قولهم:
هذا كناية عن تصديقهم بجميع الشرائع، فإذا لم يؤمنوا ببعض صدق رفع الايجاب الكلي، مع أنه يمكن أن يقال: عدم الايمان بالبعض كاشف عن عدم الايمان بالكل فيصح السلب الكلي، على أنه يرد احتمال أن لا يكون قولهم هذا كناية عن الايمان بالجميع، وأيضا لو قدر المتعلق خاصا بقرينة سابقة كان رفعا للايجاب الكلي، فلا حاجة حينئذ إلى تقدير عمومه، فليتأمل.
وأقول: يحتمل أن يكون قوله: " بمؤمنين " غير متعد إلى شئ أصلا، والمعنى ليس لهم وجد حقيقة الايمان.
يخدعون الله والذين آمنوا: الخدع أن توهم صاحبك خلاف ما تريد به من المكروه وتصيبه به مع خوف واستحياء من المخادعة به.
وقيل: للإصابة، لان مجرد الإرادة لا يكفي في تحقق الخدع، وقوله: " مع خوف أو استحياء " ليخرج الاستدراج الذي هو من أفعال الله تعالى، لعدم جواز الخوف أو الحياء عليه سبحانه. وهو من قولهم: ضب خادع، أو خدع، إذا أحس بالحارش (1) أي الصائد على باب جحره أوهمه إقباله عليه من هذا الباب، ثم خرج من باب آخر، وأصله الاخفاء، ومنه المخدع، على صيغة المفعول، للخزانة. والأخدعان لعرقين خفيين في العنق.
وصيغة المخادعة تقتضي صدور الفعل من كل واحد من الجانبين متعلقا بالآخر، وخداعهم مع الله ليس على ظاهره، لأنه لا يخفى عليه خافية، ولأنهم لم يقصدوا خديعته، بل المراد إما مخادعة رسوله على حذف المضاف، أو على أن معاملة الرسول