وفائه، فان الشاعر بعيد الخيال يصطبغ للظروف بألوانها في أغلب الأحايين، ويصف نفسه بما هو برئ منه.
ولكن نظرة واحدة فيما نظمه متوجعا لخلع الطائع سنة 381، وفي رثائه يوم توفي في الاعتقال بعد جدع انفه وأذنيه سنة 393، تدلنا على احتفاظه بالولاء وتمسكه بالمودة التالدة، فان من يخلعه بهاء الدولة غضبا عليه ليستصفي أمواله، ثم يقضي منكلا به مهانا بعد بضعة عشر عاما قضاها في الاعتقال، تستهجن المجاهرات باطرائه وتأبينه ذلك التأبين الحاد، وربما كانت المجاهرة بذلك مثيرة لغضب أضداده، بل هي موقفة لصاحبها في معرض الخطر لا محالة.
ومع أن السيرة لم توقفنا على من مدح خليعا، ولا من رثى من نكل به الملك، مجاهرة، غير الشريف، فانا نستغرب ذلك بادئ بدء حتى من الشريف، لان المستخلف بعد هذا الخليع هو القادر الذي لم تزل حال الشريف معه قلقة، وهو لا ينفك يزايلها لتصلح نوعا ما، فان صلحت فببهاء الدولة، وهو هو الخالع للطائع وهو الممثل به، ولكن نفس الشريف الحرة الجريئة التي يقول عنها [1]:
ولكنها نفس كما شئت حرة * تصول ولو في ماضغ الأسد الورد ووغول غرائز الوفاء في تلك النفس الحرة القوية، القوية الإرادة - حملته على أن يتعمد غضب أولياء الأمور عليه مهما كلفه ذلك من خسارة حكم أو سلطان. وعندي ان من جيد مرثية له معنى ما يطري به مننه وأياديه