غالبه، ونسقنا فيه كثيرا من شعره الغزلي الغرامي، فان نفسه العزيزة وروحه المتوثبة قد اثرت فيه لدرجة أخرجت كثيرا منه عن مناهج الغرام المأثورة.
وهذا ما لا نتردد فيه، لأنه أول شئ يظهر لنا من خصائصه الخلقية، ولكن السيرة تنبؤنا عن بلوغه من العزة والأنفة مرتبة قد نقف عندها موقف الشاك المتردد، تنبؤنا متفقة أنه لم يقبل قط صلة حتى من أبيه وحتى من ملوك بني بويه، وأنه كان يقنع من هؤلاء بالاحترام وصيانة الجانب واكرام الاتباع [1]. وتقول: إن أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الطبري أنف له أن يقيم في دار أبيه بباب محول ولا تكون له دار تخصه منذ شبابه، ومنذ كان يقرأ عليه القرآن، ولكن كيف يقبل الشريف هبة أستاذه له داره (دار البركة) وهو لم يقبل قط صلة من أبيه! [2] ونحن إذا أردنا أن نبرهن على ذلك من غير ناحية شعره، واستعرضنا تأريخ حياته الاجتماعية والأدبية، لا نجد عينا ولا اثرا لمثل قول:
(مدحه في عيد كذا فوصله بصلة سنية... وهناه في وقعة كذا فأجازه ببدرة...)، ونجد هذه القضايا المكافاتية مثبتة في سيرة جميع من عداه من الشعراء البارزين وإن عظموا، كما انا لا نجد في شعره طلبا ولا استرفادا حتى بالإشارة، إلا أن يكون نزرا يخفى على الفحص البالغ، وذلك كقوله لبهاء الدولة: