فخما يملا القلوب ويحشو الأدمغة رهبة من قومه وعظمة لهم، ويخلد لهم فيه أثيل المجد وتليد الشرف، ويبرهن للملا أنهم الأول والآخر في مجد الاسلام وتثبيت أركانه، وهذه المراعاة لبعداء العشيرة لا تشبه مراعاة الأقربين منهم بالعطف والصلات الموقتة، فان تلك دعاية زمنية مستمرة.
تقشفه ونسكه:
أما التقشف المنسوب له فلا يدلنا عليه مثل قوله: (ما أقل اعتبارنا بالزمان) ولا ألوف الأساطير التي تنحو نحوه، لان تكديس الشعراء للعظات والعبر في صدور قصائد التأبين لا يكون في الأغلب ناشئا من تأثر نفوسهم بها، بل لا يزال ذلك الترهيب طريقة لهم معروفة ونهجا مأثورا يناسب التأبين المقصود لهم، وفيه مع ذلك تخلص أقاويلهم إلى الغاية المتوخاة بلا كلفة. أما الشريف الذي يستدر أخلاف الأزمنة ويتودد للوزراء ورجال الحاشية، فضلا عن الملوك والخلفاء، فهو بعيد للغاية عن القشف، بعيد عن الخشونة والانكماش. إذا فكيف نذعن بصدق قوله: (خطبتني الدنيا فقلت تراجعي)، وقوله:
طلقتها ألفا لا حسم داءها * وطلاق من عزم الطلاق ثلاث إن الشريف قد لا يستطيع أن يستسلم لخشونة القشف، ونفسه تلك النفس الطموح التي تباين التقشف بالمعنى الذي نفهمه، في جميع محاولاتها ومنازعها، بلى!
إن فيه مع تلك الروح القوية، الشديدة الاحتفاظ بمبادئ الرئاسة، ورعا وعفة وتمسكا بالدين والتزاما