يسئ له، كمغن ثقيل بارد الغناء. ولكنا إذا تحققنا أن الشريف لم يشرب، ولم يسمع، ولم يجالس أرباب اللهو والمهازل، ولم يتخذ الندمان، ولم يستعمل الملاهي، فانا نعذره في الأوصاف، سيما ما يكون منها مقترحا عليه، لأنها تقع في زمنها لأسباب مجهولة لا يصح الحكم عليها بشئ، والوصف بمجرده لا يقدح بصاحبه، وإن أظهره بمظهر الحاضر المشاهد كما نجده يقول:
ولرب يوم هاج من طربي * ولقد يضيق بغيره ذرعي من منظر حسن ومن نغم * ندعوه قيد العين والسمع أما التهنئة بالشعانين فهي اسم لا مسمى له، ولا شأن فيه لمن لاحظه. وأما رثاء الصابي ومدحه، فما كنا لنحجرهما على الشريف إذا تجنب فيهما القول بالباطل، وما كنا لنكم فم الشريف أن يعترف لذي فضل بفضله، ولا نرى له ان يغمط حق ذي الحق، ومن عرف صلات الشريف به لا يكون عاذرا له فقط، بل حامدا له في الوفاء والاعتراف بالحق.
وفاؤه أخص الوفاء لأنه أنبل صفات الانسان، لا سيما إذا كان الموقف فيه حرجا، كموقف السموءل، وغير بدع أن ينطبع الشريف لذاته على مقدار من الوفاء، فإنه من شؤون المروءة والفتوة بالمعنى المفهوم منها، والفتوة هي: جماع صفات النبل والفضل. ولست في هذا الفصل بالذي أريد أن أعد الوقائع، أو أسرد الشواهد من شعر الشريف على