الأولى القريبة العهد - يتمثل لأعينهم الحق الصريح في عرش الخلافة الاسلامية، ويشعرون بأنهم وراثه الشرعيون، فان ذلك ليس فقط يزيد في عز نفوسهم بل يقفز بهم ويتوثب على عرش الخلافة من حين لآخر، ولذلك كانت مؤامراتهم وثوراتهم متتابعة وإن انتهت بالخيبة والفشل في أكثر الأحيان بل كلها، فما هو الظن بالشريف الذي نبت في الصميم من شرف الأسرة العلوية، وأولى من طرفي أبويه بقرب الانتماء إلى الرسول الأعظم، ونفسه تلك النفس الوثابة الطموح، وله تلك الفتوة والنجدة، وتلك البسالة الموروثة، ونحن إذا استعرضنا ديوانه نجد الأماني والآمال، ونجد البشائر بالنجاح، ونجد التعزي عن الخيبة بأنواع التعازي، نجد كل ذلك قد أفعم ديوانه حتى غص بأمثال قوله:
يا قدمي! دونك مسعاة العلا * قد ضمن الاقبال ألا تعثري ليكثرن خطوك أو تنتعلي * سرير ملك أو مراقي منبر لا يرى مثلي إلا طالبا * ذروة المنبر أو قعر الرجم طامح الرأس على أعواده * أو على عادية الرمح الأصم لو كنت أقنع بالنقابة وحدها * لغضضت حين بلغتها آمالي لكن لي نفسا تتوق إلى التي * ما بعدها أعلى مقام عال وإذا نظرنا إلى واحدة من فخرياته نجد أنه تستدرجه هذه الأحلام، وهاتيك الأماني إلى الذهول عن مواضع محاولاته، والغفلة عن الخطر الذي يلحقه من إبداء ما استكن في قرارة نفسه فبينا هو يقول:
انا ابن من ليس بجد له * من لم يكن بالماجد الجائد