بقوانينه [1]. والأرجح أن هذا هو معنى التقشف الذي ينسب إليه.
وإذا كانت الامارات، والترف، والحضارة، والثراء، لا تنفك في الأغلب عن اقتراف الجرائم، وغمط الحقوق، والتلاعب بالقوانين المدنية، وهتك نواميس الشرع الأقدس - فان الشريف لم يؤثر عنه إلا العفة المطلقة والفتوة والمماشاة بوفاق مع المروءة واحترام النواميس كافة، حتى في مجالسه الخاصة، ونحن لتلك العزة وتلك الآنفة والمروءة نذعن لآخر نظرة أنه لم يقترف مأثما، وأن تلك الصفات والملكات تكفه وتردعه بسهولة وبلا مقاسرة، عن المظالم التي تبتعد بالمروءة إلى المطرح السحيق.
وفوق ذلك انا نعتقد عندما ننظر في شعره إلى أمثال قوله:
شغلت بالمجد عما يستلذ به * وقائم الليل لا يلوي على السمر أنه مع تمكنه من لذائذ الحياة بأكمل وجه قد أصبح محروما عن أكثرها، إيثارا للمروءة وصونا لكرامة العرض، ونزداد يقينا في هذا إذا لاحظنا أنه لم يستعمل المواربة في شعره، ولم يجالس الخلعاء والظرفاء الذين يستخفون بالنواميس في أيام شبيبته، وأنه لذلك لم يصرف شيئا من شعره في فنون المهازل والمجون، فان هذا يدلنا على أنه لم يعمل ما يعتذر عنه ولا يصانع أحدا سترا على نفسه، ولذا نجده وهو بمرصد من أعدائه لا يحفل أن يجاهر بمثل قوله:
عف السرائر لم تلط لريبة * يوما علي مغالقي وسجوفي