عليه، لما انه مظهر وفائه، وهو قوله:
ليس ينسيها وإن طال المدى * مر أيام عليها وليال فاتني منها انتصار بيميني * فتلافيت انتصارا بشمالي ثم دعاؤه له بعد توجع طويل لفقده يصف فيه اقباره وهجرانه وارتخاص الدمع عليه، وذلك إذ يخاطبه بقوله:
أيها الظاعن لا جاز الحيا * أبدا بعدك بالحي الحلال كنت في الأحجال أرجوك ولا * أرتجي اليوم عظيما في الحجال ولم يزل في هذه العصماء ينهج بالمعاني والمباني والأساليب المتشعبة نهجا غريبا بديعا حتى كان ختامها قوله:
ضمنت منهم قرارتهم * عمد المجد وأركان المعالي لا تقل تلك قبور إنما * هي أصداف على غر لئال عزة نفسه:
إن عزة نفس الشريف الطامح بأقصى نظره للخلافة طموح ذي الحق المهضوم لاستعادة حقه، لا تحتاج إلى نضد الأدلة وحشد الشواهد عليها من ههنا وههنا. فان تلك العزة الملموسة هي الشاهد على ما انطبع عليه من الغرائز المتفرعة عليها: كالعفة والاباء والأنفة، وهي إحدى الأسباب التي مكنته من الاتصال بالملوك والخلفاء اتصالا لم يبلغه بشاعريته ولا نسبه، لأنها هيأت له عندهم مقاما ساميا لم يبلغه أيما شاعر وشريف، وهي التي أكسبت شعره - حتى ما يتودد فيه ويستعطف به - رونق الحشمة والجلالة، ولو أردنا أن نورد شاهدا من شعره على ذلك لأوردنا