السكران من النوم مجاز وعلى طريق التشبيه بالسكران من الشراب، وحمل الكلام على حقائقه أولى من حمله على مجازاته.
5 - وقال بعضهم: السكران من الشراب لا تجوز صلاته، وهو الذي يزول عقله حتى يصير في حد من لو كان كذلك من غير شراب لزال تكليفه. ومن علاماته أيضا اختلاط كلامه حتى لا يدري ما يقول، فإن كان كلامه منتظما لا اختلاط فيه، فليس بسكران، لأنه تعالى جعل أمارة زوال السكران يعلم الانسان ما يقول، وإنما ذكر تعالى هذه العبارة ليعلمهم أن من صلى في مثل هذه الحال فصلاته فاسدة وعليه الإعادة، وكما لا تجوز صلاته فكذلك لا تكون طاعة، إذ لو صح كونها طاعة منه لصح ان يلزمه فرضها، ولا يجوز زوال تكليفه في الصلاة الا وسائر التكاليف زائلة عنه. قال: وذلك يوجب ألا يجوز له طلاق ولا نكاح، وأن يكون بمنزلة الصبي والمجنون، ولا يلزمه إن قذف حد، ولا يصح له شراء ولا بيع، إلا أن الدية تلزمه إذا قتل كما يلزم النائم إذا انقلب على الشئ فكسره أن يغرمه. وقد يجوز أن يكون هذا الخطاب غير متناول للسكران على حقيقته، وإنما يتناول السكران الذي لم يبلغ إلى حد زوال التكليف عنه، بل هو في حكم النشوان ومعه مسكة العقل وصحته وثميلة الرأي (1) وبقيته، وكأنه تعالى امرهم ألا يقربوا الصلاة، وهم في الغاية القصوى من السكر وهي التي لا يحصل معها الكلام ولا يصح الافهام، وقد يسمى الانسان سكرانا وإن لم يبلغ إلى ذلك الحد مجازا وتقريبا،