في قراءة أحد فتح الهمزة في إنما الأخيرة، ولم يقرأها قارئ إلا بالكسر علم أن فعل يحسبن لم يقع عليها وأنها مبتدأة، فلذلك لم نجز فيها غير الكسر.
فأما إنما الأولى فقد قرئت بالفتح والكسر معا، فمن قرأ (لا تحسبن) بالتاء - على اختلافهم في فتح السين والباء من تحسبن وكسرهما وليس هذا موضع استقصاء ذلك - وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة من السبعة، كان قوله تعالى: (الذين كفروا) على هذه القراءة في موضع نصب، فإنه المفعول الأول، والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى، فلا يجوز إذن فتح ان من قوله (إنما نملي لهم)، لان املاءهم لا يكون إياهم. ومن قرأ (يحسبن) بالياء، وهي قراءة باقي السبعة، فلا يجوز في قراءته كسر (ان) من قوله (إنما نملي لهم خير لأنفسهم)، وقد جاء شاذا، وحكاه عن (أبي 1) مجاهد، ووجه ذلك أن إن يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء، وتدخل كل واحد منهما على المبتدأ والخبر، فكسرت [2] إن بعد يحسبن، وعلق عنها الحسبان، كما يفعل ذلك مع اللام، فقال تعالى: (لا يحسبن الذين كفروا إنما) بالكسر، كما يقال: لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خير لهم.
وقال الزجاج: ذلك جائز على قبحه، ووجه جوازه أن الحسبان ليس بفعل حقيقي، فعمله يبطل مع إن، كما يبطل مع اللام، تقول: حسبت لعبد الله منطلق، ولذلك قد يجوز - على بعد - حسبت إن عبد الله منطلق.