ومثل ذلك في عرف كلام العرب أن رجلا لو قطعت يده في سرقة، فقال قائل: ما دعا فلانا إلى هذا الفعل القبيح والامر الفظيع، لجاز لقائل أن يقول: فعل ذلك لتقطع يده وليخزيه الله ويفضحه، وقد علمنا أنه لم يسرق لتقطع يده في الحقيقة، وإنما سرق لينتفع لا ليستضر، وليزداد لا لينتقص، فلما صار آخر أمره إلى قطع اليد، وآلت عاقبة حاله إلى الفضيحة والخزي، جاز في عادة أهل اللغة أن يقال: إنما سرق لتقطع يده وليفضحه الله وليخزيه.
9 - وقال بعضهم: فحوى هذه الآية تدل على أن تبقية المكلف قد لا تكون خيرا له، إذا لم يشغلها بطاعة الله تعالى لان كون ذلك خيرا يتعلق بأمرين: أحدهما، من قبله سبحانه بالتمكين والالطاف وغيرهما. والآخر، من قبل العبد بالانقياد والقبول وما في معناهما، فإذا لم يحصل ذلك من العبد جاز أن يقال: إن التبقية ليس بخير له.
10 - وقال بعضهم: هذا إخبار من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله عن خاصة من الكفار كان النبي صلى الله عليه وآله يرى أن تأخير إنزال العقوبة بهم، ليتوب منهم تائب ويرجع راجع، فأخبره تعالى أنهم لا يتوبون ولا يرجعون، لئلا يطمع في هذه الحال منهم وينتظرها من جهتهم، وأراد تعالى بقوله:
(ليزدادوا اثما) اي: ليزدادوا عداوة للنبي صلى الله عليه وآله واجلابا عليه وارصادا له، وذلك أيضا راجع إلى معنى المصير والعاقبة.
11 - وقال بعضهم: معنى (ليزدادوا اثما) ههنا: فيزدادوا اثما، والزيادة في الاثم من قبلهم، وليست موجبة عن الاملاء لهم.