يكون موضعها رفعا، كما يقول القائل: إنما نعطيهم فتأخذون ونطعمهم فيأكلون، أي: فهم يأخذون ويأكلون، ولا يجوز أن يقول: فيأخذوا ويأكلوا، لان الاعطاء والاطعام ههنا ليسا بعلة الاخذ والأكل، فافهم ذلك فإنه واضح.
12 - وقال بعضهم: (إنما نملي لهم ليزدادوا اثما) معنى الاستفهام الذي هو من الله توبيخ أو تقرير، وكأنه سبحانه قال: (لا يحسبوا أنما نملي لهم ليزدادوا اثما إنما نملي لهم لغير ذلك)، ويكون هذا الكلام منقطعا من الكلام الأول مبتدأ مستأنفا بعده، وقد مضى في هذا الكتاب ذكر شاهد من الشعر على جواز سقوط همزة الاستفهام وهي مرادة، إلا أنه ليس حكم القرآن حكم الشعر على ما قدمنا، لان الشعر يسوغ فيه ما لا يسوغ في القرآن، فلذلك كان هذا القول غير سديد، لا سيما إذا قدرنا انفصال الكلام الثاني عن الكلام الأول، فان الجمع بينهما حينئذ يكون كالمتناقض، لان الكلام الأول دل على أن الاملاء ليس بخير لهم، وتقدير الكلام الثاني على أن موضعه استفهام، وهو من الله تعالى ههنا توبيخ لهم على ظنهم أن الاملاء لهم إنما هو ليزدادوا اثما فكأنه تعالى قال: لا يحسبوا أن املاءنا خير لهم، ثم قال:
وليس املاؤنا شرا عليهم، لأنه وبخهم على تقديرهم أن الاملاء لهم ليزدادوا اثما وذلك شر لهم.
13 - وقال بعضهم: تقدير (إنما نملي لهم ليزدادوا اثما) أن تكون ان مفصلة عن ما، ويكون المعنى النفي، فكأنه تعالى قال: