ذلكم [1] الشيطان يخوفون... أولياءه) على اللفظ [2]، ويقول:
(فلا تخافوهم) على المعنى، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وإنا إذا أذقنا الانسان منا رحمة فرح بها) [3] ثم قال سبحانه:
(وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم)، فجاء بقوله (فرح بها) على اللفظ، وبقوله (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم) على المعنى، ثم رد تعالى آخر الآية على أولها، ليكون الطرفان شاهدين على حقيقة المراد بالوسط، فقال سبحانه: (فإن الانسان كفور) إعلاما لنا أن المراد بالإنسان ههنا الجمع. وهذا أيضا من المواضع العجيبة الفصاحة، التي لا تبلغها البشر ولا تقوم بها القوى والقدر.
فأما قوله تعالى في عجز هذه الآية: (ان كنتم مؤمنين)، فيحتمل معنيين: أحدهما، أن يكون المراد بذلك إن كنتم متمسكين بجملة الايمان، آخذين به في السر والاعلان. والآخر، أن يكون المعنى أن كنتم موقنين بنصرتي، مصدقين بألطافي ومعونتي. وفي ما ذكرناه من هذه المسألة كاف بتوفيق الله تعالى.