واستشهد الصالحون، ولو كانوا عند الاملاء يؤمنون لكان الاملاء خيرا لهم من أن يموتوا كما مات المؤمنون في الجهاد، لأنهم كانوا يزدادون عند ذلك إيمانا، فيزدادون ثوابا.
7 - وقال بعضهم: إنما حسن إضافة الفعل في قوله تعالى:
(إنما نملي لهم ليزدادوا إثما) إلى الله سبحانه، لما كان كفرهم وإثمهم واقعين بعد تأخير الله لهم وتبقيته إياهم، وهو تعالى لم يبقهم ليأثموا ويكفروا وإنما بقاهم ليؤمنوا وليتذكروا، كما قال سبحانه: (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير..) [1]، إلا أن الكلام خرج على عادة العرب في لسانها، ومن عادتها أن تضيف الفعل المنهي عنه إلى الناهي إذا كان إبلاغه في النهي لا يزيل المنهي عما كان عليه، فيقول القائل: ما زادتك موعظتي إلا شرا، وما ازددت بتبصيري لك إلا غيا.
8 - وقال بعضهم: إنه سبحانه لما أنعم عليهم ليشكروه وأحسن إليهم ليطيعوه، فتمادوا وتتابعوا في ضلالهم فتركهم وما فعلوا، وخلى بينهم وبين ما اختاروا، فلم يمنعهم من ذلك اجبارا، ولم يحل بينهم وبينه اقتسارا - كان جائزا في اللغة أن يسمى ذلك الترك إملاء، ويقول: ليس هذا الاملاء بخير لهم، وإنما هو ليزدادوا اثما، ويريد بذلك تعالى أنه كلما أجراهم في المضمار، وأجرهم طول الانظار، ولم يعاجلهم بمستحق العقاب، تمادوا غيا وازدادوا إثما. وهذا إخبار منه تعالى عن عواقب الحال ومراجع الامر.