3 - وقال بعضهم: إن المراد بذلك: (ولا يحسبن الذين كفروا أن تبقيتهم إذا ضامها [1] الاصرار على الكفر تكون خيرا لهم)، فكأنه تعالى نفى أن تكون التبقية مع شغلهم لها بالكفر خيرا لهم، وإن كانت خيرا في نفسها، ولكنهم بما اختاروه من الارتكاس في الغواية والاصرار على الضلالة أثروا بالتبقية، فأخرجوها عن صفتها وعكسوها عن طريقتها [2]، فجعلوها شرا عليهم، وإن كان سبحانه إنما أراد بها الخير لهم ليتوبوا ويقلعوا ويثيبوا ويرجعوا، فكانوا كما قال تعالى: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا...) [3]، وذلك كقول القائل لغيره - وقد منحه الأموال العظيمة والرغائب الجسيمة، فصرف ذلك في المحارم والمعاصي -: (إن الذي منحتك شر لك ووبال عليك)، لما صرفه في الوجوه العائدة عليه بذلك، وإن كان المعطي منعما والمانح محسنا مجملا، فبين تعالى أن حال الكافرين بما اختاروه في مدد أعمارهم، من التقاعد عن الجهاد والنكوص عن الأعادي، ليست بخير لهم من حال المؤمنين الذين ثبتوا على الدفاع عن دينهم وأصيبوا في سبيل ربهم، لان حال من أقعد عن الجهاد وثبط عنه خلاف من ثبت عليه ورغب فيه. وما سبق من الآيات التي وردت أمام هذه الآية تدل على أنها واردة في معنى الجهاد، فأراد سبحانه أن يبين لنا أن بقاء الكافرين في الدنيا، وهو إملاء الله تعالى لهم ليس
(٢٨٠)