نظير قوله سبحانه: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له...) [1] وقوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها...) [2]، وإنما قال سبحانه ذلك، ترغيبا في العمل للآخرة، إذا كان يضاعف الاستحقاق عليه ويتكفل في الزيادة فيه، تعظيما لقدر ثواب الآخرة، ألا تراه تعالى كيف وصفه بالحسن ولم يصف ثواب الدنيا بذلك! لان حاليهما مختلفان، فقال سبحانه:
(فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة)، وهذا من غوامض القرآن فاستيقظ له!.
ومما ينظر إلى هذا المعنى ويرمي إلى هذا المغزى قوله تعالى لأهل الجنة:
(كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) [3]، فأمرهم بالأكل والشرب مطلقا، من غير استثناء للاسراف فيه أو الوقوف على حد لا يجوز التجاوز له، وقال لأهل الدنيا: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا... الآية) [4]، فاستثنى سبحانه عليهم الاسراف في الأكل والشرب، علما منه تعالى بأن ذلك مفسدة لهم ومقطعة عن عبادة ربهم، إلى كثير من مضار الاسراف العائدة عليهم، ولما كانت هذه الأمور منتفية عن أهل الجنة أطلقهم سبحانه في الأكل والشرب إطلاقا غير مقيد، وأمرهم به أمرا غير متعقب، وهذا