قولكم هذا إنما تكون لأعدائهم، لا لهم.
قيل له: في ذلك جوابان: (أحدهما)، أن الخبر جاء أن المنافقين كانوا يثبطون المؤمنين عن الخروج يوم أحد، ويقولون: إنما تخرجون إلى مضاجعكم ومساقط رءوسكم، تهييبا لهم وتجبينا لقلوبهم، فخاطبهم الله تعالى على حد ما قالوا، فكأنه سبحانه قال: (لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى المواضع التي ذكرتم انها مضاجعهم وظننتم أنها مصارع جنوبهم)، وهذا كقوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) [1] أي: إنك كنت في ظنك أوفي اعتقاد اتباعك بمنزلة العزيز الكريم.
و (الوجه الآخر)، أن تكون المضاجع عائدة إلى الذين قتلوا، لا إلى الذين قتلوا، ويكون في ذكره تعالى القتل الذي هو مصدر - وقد قدرنا أنه واقع على المفعولين ههنا دون الفاعلين - دلالة على أن هناك مقتولين، فحسن لذلك أن يقول: (إلى مضاجعهم) ويرد الضمير فيها إليهم. وهذا قول لي، ولم يمض (بي 2) لاحد من العلماء.
والعرب تسمي المناكح: المضاجع، لان المضاجع من أسبابها، كما يسمون النكاح: فراشا، والمرأة: فراشا على مثل ذلك، وقال الشاعر [3]: