أيضا من خبايا القرآن وخفايا هذا الكلام.
وقد تعلق قوم بقوله تعالى لأهل الجنة: (كلوا واشربوا)، وقالوا: هذا امر يدل على إرادة المباح، وليس ذلك من قولكم، لأنكم تقولون: إنه سبحانه لا يريد من عباده إلا ما يستحقون به الثواب، وإلا كانت الإرادة عبثا.
والجواب عما تعلقوا به من ذلك: أن وجه الفائدة في هذه الإرادة المخرج لها عن أن تكون عبثا، أنه سبحانه إذا أراد من أهل الجنة أن يأكلوا ويشربوا - وليست الحال حال تكليف - كسبهم ذلك سرورا إذا علموه سبحانه مريدا لأكلهم وشربهم، فيكون مراده تعالى حصول تلك المسرة لهم، فتخرج الإرادة حينئذ من كونها عبثا، وذلك لا يتأتى في المباح. وفي ما ذكرناه من ذلك كاف بتوفيق الله.