يريدونه منها.
وقوله تعالى: (ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) أي: من نعيم الآخرة والثواب المعد لأهلها، وهذا أيضا لا يدل على أن كل مطلوبه يناله لأنه لو طلب أزيد من مستحقه لم يكن لينال ذلك إلا قدرا ما من التفضل.
فان قال قائل: فهل يتنافى حصول ثواب الدنيا مع ثواب الآخرة؟
قيل له: إن ذلك لا يتنافى، لان من يريد الآخرة بجهاده قد تحصل له الغنيمة في الدنيا، فيكون الله سبحانه جامعا له بين الامرين، ويدل على ذلك قوله تعالى من بعد: (فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)، فأما قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) [1]، فلا يعترض به على صحة اجتماع ثواب الآخرة ومنافع الدنيا لبعض العباد، لان معنى هذه الآية أن من كان يريد حرث الدنيا غير عامل للآخرة نؤته من الدنيا شيئا ونحرمه ثواب الآخرة، وما ذكرناه في ذلك أولا يدل على أن من أراد الآخرة بجهاده يؤتيه الله سبحانه ثواب منها، ويرزقه أيضا من فوائد الدنيا ومنافعها ما يكون فضلا على مراده ونيفا على استحقاقه.
وقوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه)