ولذلك نرى قصيدته في القادر يوم استقراره بدار الخلافة وهي المستهلة بقوله: (شرف الخلافة يا بني العباس) يظهر عليها التكلف على ما حازته من المتانة والرصانة والقوة الأدبية.
ينبؤنا شعر الشريف انه في هذا الدور يقضي شطرا من حياته في اضطراب فكري، وأن القلق يستولي عليه على نسبة يأسه من محاولاته ورجائه لها، فإذا حصل على شئ منها هدأ وربما جامل بلا مواربة، فذكر وشائج الرحم وأواصر القرابة، كما نجده يقول في مرثية أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي نقيب العباسيين المتوفى سنة 384:
ألسنا بني الأعمام دنيا تمازجت * بأخلاقهم أخلاقنا والضرائب!
إذا عمموا بالمجد لاثت بها منا * عمائمهم أعراقنا والمناسب نرى الشم من آنافنا في وجوههم * وأعناقنا طالت بهن المناصب وإذا عضته نكبة ما في حياته السياسية، ثار والتهب وحمل حملة شعواء على الدهر وعلى من يسميهم بالأعداء والحساد، وفي هذه الحالة يتحمس مفتخرا ويطري البسالة، وينبه شعور أولياء الأمور إلى اهتضامه ويوعد كثيرا بالالتجاء إلى من يرعى حقه ويقوم بواجبه، كما نجد ذلك في مقطوعته، ألبس الذل في ديار الأعادي * وبمصر الخليفة العلوي تلك المقطوعة التي انتهت قصتها بصرف القادر إياه عن النقابة، وتوليه محمد بن عمر النهر سايسي إياها، ولعله في ذلك يقول:
ولئن صرفت فلست عن شرف العلا * ومقاعد العظماء بالمصروف