الذي تتأثر العاصمة بأفكاره، وترحب به إذا دخلها في الحملة العسكرية الفاتحة. وإذا دخل شرف الدولة سنة 375 فاتحا مدينة السلام يصحبه أبو أحمد وقد انعقدت الصلات بينهما، فماذا يصنع الشريف، وماذا يقع منه في هذا الدور الجديد، حينما يرى حبيبه الطائع خليفة وشرف الدولة هو الملك؟
إن الشريف قد حسر عن ذراعيه، ورفع أغشية قريحته، مستبشرا لهذا العهد الذي يلمس فيه الهناء وصفو العيش وإقبال السعادة، فأنشأ في مدح شرف الدولة سنة 376 قصيدته (أحظى الملوك من الأيام والدول) يشكره فيها على إنزاله إباه وعمه من القلعة، وله فيه غيرها، ولكن هذه تمثل الظروف والأحوال التي أنشئت فيها، وتقايس بين دوري الامتنان والامتحان، وكأنه في ذلك الوقت الذي أنشأها فيه لا يستطيع ان يقتصر على الاطراء والمدح، ولا الفخر، ولا ذكر الحرب التي انتهت بالفتح لشرف الدولة، بل يتفلت عن ذلك إلى ذكرى الشقاء السالف، ليستلذ منه السعادة المقبلة.
وقد وفى شرف الدولة لأبي أحمد، فرد بقية أملاكه، وقد كان الكثير مستردا سنة 374، وأقره على النقابة وأدنى قربه، وكأنه أراد أن يجدد له عهد صهريه معز الدولة وولده، ذلك العهد الذي كان تهابه فيه الوزراء وتخشاه الحجاب والكتاب، أما الشريف نفسه فما كان له عنده من محاولة سياسية تذكر إلا تأهله بأكمل الاستعداد للقيام محل أبيه في كل ماله من جاه أو سلطان، وكفى بذلك مقاما