ولئن بقيت لكم فاني واحد * أبدا أقوم منكم بألوف أنا لا أحسب أن صرف القادر إياه عن النقابة في أيام بهاء الدولة له نصيبه من الصحة، ولعلما كان واقعا في فترات وفرص لا نستطيع تعيينها، تمكنه من الايقاع به، لغيبة بهاء الدولة أو لغيرها، لان هذا ممن لا نشك أن الشريف يملك ولاءه، ونعتقد بلا تردد انه يقدر شخصية الشريف تقديرا صحيحا، ولذلك نجد صلته به ليست كصلة شاعر أو زعيم، بل صلة خليفة لملك. وسواء كان يهم البهاء أو لا يهتم به أن تبقى الحال بين الشريف وبين صهره القادر قلقة، فإنه يعتقد أن اتجاهاته للشريف تصد القادر نوعا ما عن الايقاع به، ولقد كان الشريف بتلك الاتجاهات ينال أقصى ما يبتغيه بلا تعديل قصدي لحاله مع القادر.
ولئن تكن النقابة المصروفة من المراتب الجليلة، التي لا يحظى بها إلا الأكفاء من الطالبيين ذوي الدرجات العالية في العلم والأدب المتميزين على غيرهم، فان الشريف كثيرا ما كان يستعفي عنها، إذ يرى أنها دون ما يجب له، وكثيرا ما يتذمر مما يتكلفه بها من المشاق ومكايدة الأعداء ومنافسة الغرباء، فيقول:
غمست يدي في أمر فمن لي * وأين بنزع كفي وانكفافي!
كفاني انني حرب لقومي * وذلك لي من الضراء كاف ولو اني أطعت الرشد يوما * لأبدلت التحمل بالتجافي وعسى أن يكون آخر ما أومأ به إلى بهاء الدولة في إعفائه عنها