يموله واملاك أبيه مصادرة ويده مقبوضة؟ ولا احسبه لترفعه وشممه يقبل هبات أسرته الكبيرة الطائلة الثروة، وهو لا يدلنا ولا غيره على مرتزق له من ثراء أو مال مدخر، سوى انه يشكو الوحشة لأبيه بمثل قوله:
أكدت علي الأرض من أطرافها * وتدرعت بمدارع الأظلام أشكو وأكتم بعض ما انا واجد * وأعاف أن أشكوا من الاعدام وإذا كان الشريف يستشعر الاعدام ولا يشكوه لاحد، فمن العبث محاولتنا معرفة ما يرفعه يومئذ، ومن الشذوذ عن الخطة التعرض لما لا يهم، كأمر الإعالة والإعاشة. والأرجح أن أمه (فاطمة بنت الناصر) هي التي كانت تقوم بشأنه وشأن أخيه المرتضى، مما ادخرته لنفسها أو من الاملاك التي ورثتها من آبائها، وإذا كانت السيرة تنبؤنا بأنها كانت تدأب جدا في ارشادهما لتحصيل العلوم الدينية، وتتوسل إلى رجال العلم والدين أن يعلموهما وهما غلامان حدثان، فهي جديرة أن تمونهما في سبيل التربية والتهذيب كما هي - بلا تردد - تقص عليهما مآثر أسرة نفسها وأسرة زوجها حبيس الأحقاد والوشايات، وتمنيهما الأماني التي تدل مخائلهما من جهة الذكاء وبعد الهمة على الحصول عليها. ولقد جزع الشريف لوفاتها سنة 385 ورثاها بقصيدة تنبئ عن حزنه ولوعته وعما أومأنا إليه من بذل المال والسعي في سبيل تربيتهما، وذلك حينما يقول:
ومن الممول لي إذا ضاقت يدي * ومن المعلل لي من الأدواء ومن الذي إن ساورتني نكبة * كان الموقي لي من الأسواء